
بيوت الشعر في الحجاز: تراث يتجدد بين أصالة جدة وروحانية مكة وجمال الطائف
تُعد بيوت الشعر جزءاً لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والثقافي لشبه الجزيرة العربية، حيث ترمز إلى الضيافة العربية الأصيلة والكرم، وتشكل مجالس للسمر والاجتماعات العائلية والاحتفاء بالضيوف. وفي المنطقة الغربية من المملكة، وتحديداً في مدن جدة، مكة المكرمة، والطائف، اتخذت هذه البيوت بُعداً جديداً، حيث تطورت من شكلها البدوي البسيط لتصبح تحفاً معمارية تجمع بين عبق الماضي وروعة الفخامة العصرية.
أولاً: بيوت شعر جدة.. الفخامة الحضرية والتصاميم المودرن
في مدينة جدة، عروس البحر الأحمر، تتجه بيوت الشعر نحو الاندماج الكامل مع الحياة العصرية والفاخرة. لم تعد مجرد خيمة في الفناء، بل أصبحت ملحقاً معمارياً راقياً (بيوت شعر ملكية) للفلل والاستراحات والمنتجعات.
الوظيفة والدور: تستخدم كمجالس ضيافة رسمية و"ديوانيات" فاخرة، وكجزء من ديكور الحدائق والأسطح لتوفر مساحة مريحة ومكيفة بعيدة عن صخب المنزل الرئيسي.
التصميم والمواد: يغلب عليها الطابع المودرن في الهيكل مع الاحتفاظ باللمسة التراثية في الديكور. يتم الاعتماد على هياكل معدنية (تيوبات) قوية، وأقمشة عازلة ذات جودة عالية (مثل الألماني أو التركي) توفر عزلاً كاملاً ضد حرارة جدة الشديدة ومياه الأمطار.
الديكور الداخلي: يتجه نحو الفخامة المطلقة؛ استخدام الأرضيات الخشبية أو السجاد الفاخر، وتزيين الجدران بقماش القطيفة أو السدو المطرز، مع تمديدات كهربائية متكاملة وأنظمة تكييف متطورة.






ثانياً: بيوت شعر مكة.. أصالة الضيافة في جوار الحرم
في مكة المكرمة، ذات القدسية الخاصة، تخدم بيوت الشعر هدفين رئيسيين: الحفاظ على التقليد الاجتماعي وتوفير مساحات مريحة وواسعة لاستقبال الضيوف والمعتمرين والحجاج (في المواسم)، مع مراعاة طابع المدينة.
- الخصوصية والراحة: بيوت الشعر في مكة تركز على توفير أقصى درجات الخصوصية والعزل الحراري والصوتي. يتم اختيار الأقمشة السميكة ذات الطبقات المتعددة لضمان بيئة هادئة ومريحة بعيدة عن الضوضاء.
- الاستخدام التقليدي: لا تزال تحتفظ بوظيفتها الأساسية كمجلس للرجال أو النساء، حيث يتم تجهيزها بمجالس عربية أرضية فسيحة ومريحة، وتُزين بالنقوش التراثية التي تعكس الروح العربية.
- بيوت الشعر الجاهزة: تنتشر فيها بيوت الشعر الجاهزة وسريعة التركيب، والتي تُعد حلاً عملياً للاستخدام المؤقت أو في الأماكن ذات المساحات المحدودة، مع الاحتفاظ بمتانتها وجودتها.
ثالثاً: بيوت شعر الطائف.. ملاذ الاستجمام ودفء المصيف
تتميز الطائف، مصيف المملكة، بطبيعتها الجبلية وطقسها المعتدل المائل للبرودة، مما يمنح بيوت الشعر فيها طابعاً خاصاً ووظيفة مختلفة.
- الاستجمام والإطلالة: تُستخدم بيوت الشعر في الطائف كملاذ مثالي للاستجمام والراحة وقضاء الأوقات في قلب الطبيعة، وغالباً ما تُصمم على الأسطح أو في البلكونات لتوفير إطلالات خلابة.
- العزل والتدفئة: نظراً لبرودة الطقس، فإن الاهتمام الأكبر يتركز على العزل الحراري القوي وتجهيز البيت بـ مدفأة تقليدية (مشب) أو أنظمة تدفئة حديثة لتوفير الدفء اللازم في ليالي الشتاء.
- التصميم الجبلي: قد تتخذ تصاميمها أشكالاً تتناغم مع التضاريس، مثل بيوت الشعر ذات الأسقف القرميدية أو التي تدمج بين القماش والخشب المعالج، لتعكس جمال البيئة الجبلية المحيطة.
التقنيات الحديثة ودورها في التطوير:
شهدت بيوت الشعر في المدن الثلاث تطوراً جذرياً بفضل دمج التكنولوجيا الحديثة مع التراث:
- العزل المتعدد: استخدام طبقات عازلة (مائي وحراري وصوتي) لضمان بيئة مثالية بغض النظر عن حرارة جدة ومكة أو برودة الطائف.
- الإضاءة الذكية: تزويدها بأنظمة إضاءة داخلية جذابة ومتنوعة يمكن التحكم بها، مما يضفي عليها طابعاً عصرياً.
- المتانة والجودة: الاعتماد على هياكل من الفولاذ المقاوم للصدأ أو الألومنيوم، وأقمشة PVC، شعر تركي، أو صوف معالج، لضمان مقاومتها للرياح والأمطار وعمرها الطويل.
في الختام، تبقى بيوت الشعر في جدة ومكة والطائف رمزاً حياً للكرم والضيافة في المنطقة الغربية، لكنها اليوم تقف شاهداً على قدرة التراث على التجدد والارتقاء، لتصبح مساحات تجمع بين عراقة الماضي ومتطلبات الفخامة في الحاضر.


















28/10/2025 08:57 am 60



-450px.webp)

-450px.jpg)